السؤال:
بسم الله
الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على
نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين، أخوة الإيمان، أخوة الإسلام، السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته، طبتم وطابت أيامكم بكل خير، وجعلها عامرةً بذكر الله –عزَّ
وجل-، نرحِّب بكم ; في مستهلِّ هذا اللقاء
من هذا البرنامج المبارك بإذن الله -عزَّ وجل- ونرحِّب ;بضيفنا الكريم سماحة الشيخ عبد العزيز بن
عبدالله بن محمد آل الشيخ مفتي عام المملكة، ورئيس هيئة كبار العلماء، وإمام وخطيب
جامع الإمام تركي بن عبد الله في مدينة الرياض، السلام عليكم يا شيخ عبد العزيز.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله
وبركاته.
المقدِّم: بارك الله فيكم، وأثابكم
الله، ونسأل الله –سُبْحانَهُ
وتَعَالَى- أن ينفعنا وأن ينفع الجميع بهذا اللقاء،
على بركة الله نبدأ حلقة هذا اليوم بقول الله –تَعَالَى-:(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ
لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)، السائل يسأل من هذه الآية كيف يكون القرض الحسن،
وكيف يكون مساعدة الآخرين وخاصةً الضعفاء في هذه الأزمات وإغاثتهم -بارك الله
فيكم-؟
الإجابة:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ،
وَصَلِّى اللهُ وَسَّلَمْ وَبَارِكَ عَلَى عَبْدِهَ وَرَسُولِهِ مُحَمَّدٍ أَشْرَفِ
الْأَنْبِيَاءِ وَأَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ وَعَلَى آلِهِ وصَحْابِتهِ أَجْمَعِينَ،
وَعَلَى مَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ الدِّينِ وبعد،
;يقول الله-جَلَّ وَعَلاَ-، مرغِّبًا بالقرض
والإحسان:(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً
حَسَناً)، يُقرض الله: أي يُحسن إلى عباد الله، ويُقدِّم في هذه الحياة
الدنيا نفقةً، للفقراء والمحتاجين، فيضاعفهُ الله له يوم القيامة أضعافًا مضاعفة،
كما قال الله –جَلَّ وَعَلاَ-: (مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ
وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)، وفي
الحديث: «اتَّقُوا النارَ ولَو بِشِقِّ التَّمرَةِ»؛ فإنّ اللّهَ -عز وجل-
يُربِيها لِصاحِبِها كما يُرْبي أحَدُكُم فِلْوَهُ أو فَصِيلَهُ؛ حتّى يُوَفِّيَهُ
إيّاها يَومَ القِيامَةِ، حتّى يكونَ أعظَمَ مِن الجَبَلِ العَظيمِ»، ولا شك أن
الإنفاق في الأزمات، والشدائد، أعظمُ أجرا، قال الله –جَلَّ وَعَلاَ-: (فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ*
فَكُّ رَقَبَةٍ* أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ* يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ*
أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ* ثُمَّ كَانَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا
بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ* أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ)،
فاللاجئون السوريون في الأردن ولبنان، وتركيا، في ضيقٍ شديد، وحسرةٍ عظيمة، قلة
الموارد، وشتاءٍ قارس، وأحوالٍ حزينة، ودولتنا –وفقها الله-، بذلت كل الجهود، وأتبعت ; الحملات في الإنفاق عليهم، والإحسان إليهم، ما
بين كسوةٍ، وما بين مواد غذائية، إلى غير ذلك، وما من جهة إلا وبذلت جهدها في ذلك،
لكن ينبغي للمسلمين أن يهبوا لنصرة إخوانهم، ومساعدتهم، وتخفيف عن كوارثهم، وبذل
الجهد في ذلك، فإنهم فقراء مسلمون، لأن تركنا إياهم ربما استغلها المستشرقون ودعاة
التنصير، فخدعوهم بالأموال، وأضلوهم عن طريق الله المستقيم، فلابد من احتواء
هؤلاء، والإنفاق عليهم، والدولة -وفقها الله- ما تركت بابًا إلا بادرت لذلك، لكن
على الإخوان ; الأثرياء أن يتقوا الله
ويبذلوا من أموالهم، ما يكون سببًا لتخفيف آلام أولئك المسلمين، والدفاع عنهم،
وإيصال الخير لهم، لعلَّ الله أن يتقبل الله منا ومنكم، لأن بذل المعروف أيام الحاجة
والمصائب، أمرٌ مطلوبٌ شرعا.